اسم الکتاب : تفسير ابن عطية = المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز المؤلف : ابن عطية الجزء : 1 صفحة : 104
ومعنى: يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ تكاد حجج القرآن وبراهينه وآياته الساطعة تبهرهم، ومن جعل الْبَرْقُ في المثل الزجر والوعيد قال يكاد ذلك يصيبهم.
وكُلَّما ظرف، والعامل فيه مَشَوْا وهو أيضا جواب كُلَّما، وأَضاءَ صلة ما، ومن جعل أَضاءَ يتعدى قدر له مفعولا، ومن جعله بمنزلة ضاء استغنى عن ذلك.
وقرأ ابن أبي عبلة: «أضا لهم» بغير همز، وهي لغة.
وفي مصحف أبي بن كعب: «مروا فيه» .
وفي قراءة ابن مسعود «مضوا فيه» .
وقرأ الضحاك: «وإذا أظلم» بضم الهمزة وكسر اللام، وقامُوا معناه ثبتوا، لأنهم كانوا قياما، ومنه قول الأعرابي: «وقد أقام الدهر صعري بعد أن أقمت صعره» يريد أثبت الدهر، ومعنى الآية فيما روي عن ابن عباس وغيره كلما سمع المنافقون القرآن وظهرت لهم الحجج أنسوا ومشوا معه، فإذا نزل من القرآن ما يعمون فيه ويضلون به أو يكلفونه قاموا أي ثبتوا على نفاقهم.
وروي عن ابن مسعود أن معنى الآية: كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم وتوالت عليهم النعم قالوا دين محمد دين مبارك. وإذا نزلت بهم مصيبة أو أصابتهم شدة سخطوه وثبتوا في نفاقهم.
وقال قوم: معنى الآية: كلما خفي عليكم نفاقهم وظهر لكم منهم الإيمان مشوا فيه، فإذا افتضحوا عندكم قاموا، ووحد السمع لأنه مصدر يقع للواحد والجمع.
وحكى النقاش أن من العلماء من قرأ بأسماعهم.
وقرأ إبراهيم بن أبي عبلة: «ولو شاء الله لأذهب أسماعهم وأبصارهم» وخص الأسماع والأبصار لتقدم ذكرها في الآية. ويشبه هذا المعنى في حال المنافقين أن الله لو شاء لأوقع بهم ما يتخوفونه من الزجر والوعيد أو لفضحهم عند المؤمنين وسلط المؤمنين عليهم، وبكل مذهب من هذين قال قوم.
وقوله تعالى: عَلى كُلِّ شَيْءٍ لفظه العموم ومعناه عند المتكلمين على كل شيء يجوز وصفه تعالى بالقدرة عليه وقَدِيرٌ بمعنى قادر، وفيه مبالغة، وخص هنا صفته التي هي القدرة بالذكر لأنه قد تقدم ذكر فعل مضمنه الوعيد والإخافة، فكان ذكر القدرة مناسبا لذلك.
قوله عز وجل: